أطلي علينا من سمائك كالبدر *** فليل السرى من حولنا تائه الفجر
أطلي .. ففي طياتك النور والهدى *** هو البلسم الشافي لأدوائنا الكثر
ويا ذكريات المجد سفرك حافل *** تطالعنا آياته من حمى ( بدر )
وتنفحنا من روعة ( الفتح ) نفحة *** تموج لها الأحلام ضاحكة الثغر
رأينا فلول الشرك كيف تحطمت *** على صخرة الإيمان في وقعة الدهر
وكيف تحدى الفجر جيش ظلامهم *** وخط سبيل المؤمنين إلى النصر
وأعلن أن الحق لا بد ظافرا *** ولو بعد حين فانتظر ساعة الصفر
رسول الهدى قد كان للناس رحمة *** تشع بأنوار الهدايه والبر
أقام بعين الله دولته التي *** هي العدل في أعلى مراتبه الغر
وكنا به خير الأنام .. فما لنا *** نخالفه نحو الضلالة والخسر ؟!
بواترنا كانت إذا التمعت ضحى *** لها كسرى وقيصر في ذعر
حضارتنا كانت هي العلم والتقى *** ولكن هذا العصر يفخر بالعهر
تدور بنا الأيام .. والكل غافل *** وها نحن في التيه البعيد .. ولا ندري
لولا انتفاض الروح يدفع ركبنا *** ويبعث ما في معدن الترب من تبر
ولولا كتاب الله ينساب نوره *** حياة ... لبات الكون أشبة بالقبر
وأمست بيوت الظاعنين ملاعبا *** لريح البلى والقصر ينعى على القصر
فيا إخوة الإسلام عودوا لربكم *** لقد ضل منا الركب في المهمة القفر
وقد ران ليل الجاهلية ضاربا *** سرداقة .. لا يستقيم على أمر
رحيم بنا رب السماء ..وإنه *** ليمهل .. والإنسان يمعن في الكفر
ألا أيها الإنسان إنك كادح *** ولا بد أن تلقى غدا حاصل العمر
فإما نعيما كنت ترجوه موقنا *** وإما جحيما كنت تغدوه بالبشر
دعا رمضان الخير كل مرابط *** لديه .. فلبى المؤمنون على الإثر
وطافت بهم ريح الجنان عليلة *** تهب من الرحمان ... ذائعة النشر
تنفس فيها الخلد حين تفتحت *** أزاهيره البيضاء في ( ليلة القدر )
فطوبى لمن يحظى بشم عبيرها *** فيسجد مغشيا عليه من البشر
ويضرع في حب ويبكي من الجوى *** ويكتم أشواقا تأجح كا لجمر
ويصغي إلى صوت السماء كأنه *** صدى خفقات القلب ينبض في الصدر
صيامك مفتاح لكل فضيلة *** يزودك التقوى . ويغريك بالطهر
فقل مخلصا :آمنت بالله واستقم *** وأحسن له الأعمال في السر والجهر
هنا مصنع الأبطال .. يصنع أمة *** وينفخ فيها قوة الروح والفكر ..
ويخلع عنها كل قيد يعوقها *** ويعلي منار الحق .. والصدق والصبر
تصوم إذا صامت عن الفحش والخنا *** وتفطر في منأي عن الرجس والجور
لها العيد بشرى في الحياة ومثله *** وأفضل منه يوم تبعث في الحشر
-------------------------------------------------------------
يقول " مصطفى الصادق الرافعي " أديب الإسلام :
فديتك زائراً في كل عام *** تحيا بالسلامة والسلام
وتقبل كالغمام يفيض حينا *** ويبقى بعده أثر الغمام
وكم في الناس من كلف مشوق *** إليك وكم شجي مستهام
ركزت له بألحاظ الليالي *** وقد عي الزمان عن الكلام
فظل يعد يوماً بعد يوماً *** كما اعتادوا لأيام السقام
ومد له رواق الليل ظلا *** ترف عليه أجنحة الظلام
فبات وملء عينيه منام *** لتنفض عنهما كسل المنام
ولم أر قبل حبك من حبيب *** كفى العشاق لوعات الغرام
فلو تدري العوالم ما درينا *** لحنت للصلاة وللصيام
بني الإسلام هذا خير ضيف *** إذ غشي الكريم ذرا الكرام
يلمكم على خير السجايا *** ويجمعكم على الهمم العظام
فشدوا فيه أيديكم بعزم *** كما شد الكمى على الحسام
وقوموا في لياليه الغوالي *** فما عاجت عليكم للمقام
وكم نفر تغرهم الليالي *** وما خلقوا ولا هي للدوام
ودخلوا عادة السفهاء عنكم ** فتلك عوائد القوم اللئام
يحلون الحرام إذا أرادوا ** وقد بان الحلال من الحـرام
وما كل الأنام ذوي عقول *** إذا عدوا البهائم في الأنام
ومن روته مرضعة المعاصي *** فقد جاءته أيام الفـطام
-----------------------------------------------------
شعر محمود عواد :
الخير باد فيك والإحسان *** والذكر والقرآن يا رمضان
والصوم فيك عبادة *** تسموا بها الأرواح والأبدان
والشر فيك مكبل ومغلل *** والبر فيك مجلل هتان
والليل فيك نسائم هفهافة *** رقصت لطيب عبيرها الرهبان
والفجر فيك عبادة وتلاوة *** والصبح فيك سعاية وأمان
والروح فيك طليقة رفرافة ***أحلامها الغفران والرضوان
والجسم فيك حبيسة أطماعه ***لا يستريح إذا سما الوجدان
والناس فيك تآلف قد ضمهم *** وأظلهم ظل الهدى الفينان
فكأنهم جسم يئن إذا اشتكى *** عضو به وكأنه بنيان
بالصبر جئت وبالهدى وكلاهما *** زاد الشهيد إذا خلا الميدان
ذكراك هذي والزمان زمان *** والمسلمون تآذر إخوان
والحاكمون منفذون شريعة *** وضع الإله يحثهم إذ عان
والعابدون الراكعون تسابقوا *** يحدو بهم نحو الصلاة أذان
لم يبق فيك اليوم غير مظاهر *** وموائد بالمشتهى تزدان
ومآذن تهفوا البطون لصوتها *** وتصايح تجري به الصبيان
وتكاسل طول النهار وسهرة *** رقص بها غمزت به الألحان
أيريد أهل الشرك هجرة شرعنا *** لتمجد الأصنام والأوثان
لا غير شرع الله يجمع شملنا *** مهما أشار بحقه المجان
ما وحد الأوطان غير محمد *** ما ضمها عدنان أو قطحان
جمع الشتيت فكان أكرم أمة *** فخرت بمجد رقيها الأزمان
أنسيت دنيا العز يوم تجمعت *** فيك الرجال كلهم ألوان
فصهيب ابن الروم جنب محمد *** الفارس المهتدي سلمان
وبلال فوق البيت يهتف للورى *** في الحق لا أسياد أو عبدان
يوما غزانا الكفر تحت صليبه *** أجناده الأسبان والطليان
فالدين جمعها لأكبر نجدة *** لا الحرب جمعها ولا الطغيان
إن تسأل الآثار فهي مجيبة ***أو تسأل الأخبار فهي لسان
------------------------------------------------------------
شعر : أحمد محمد الصديق
قفي ها هنا في رحاب الهدى *** ولله يا نفس فاستسلمي
أطل على الناس شهر الصيام *** فبشراك بالوافد المكرم
هلمي ... هلمي ...به نحتفي *** ونعلن عن فرحة المقدم
أعيذك من نزغات الهوى *** وفي موسم الخصب أن تحرمي
على عتبات الرضا والسلام *** أطيلي الوقوف ... ولا تسأمي
فإن جاد بالعفو رب السماء *** فحسبك ذلك من مغنم
وحسبك أنا عفرنا الجبين *** لديه ...وفي حصنه نحتمي
أيا نفس إنا نشق الطريق *** على شوك محنتنا المولم
نريد لأمتنا أن تسير *** على المنهج الواضح القيم
نريد الحياة التي ترتقي *** وتسمو بها همة المسلم
فنجهر بالأمر بين الأنام *** ونصدع بالحق ملء الفم
ونخلع قيد الهوان الثقيل *** وننهض من كهفنا المظلم
ونكتب بالنور فتحا جديدا *** وبدرا نسطر ها بالدم
وتلك الأماني مرهونة *** بأقدارها في الغد الملهم
صيامك يا نفس فيه الخلاص *** من الضعف والعجز والمأثم
ومعراجك الفذ تقوى الإله *** فركضا إلى الله ... لا تحجمي
------------------------------------------------
في رحاب رمضان
نبهت فينا أنفسا وعقولا *** وحللت للخير العميم رسولا
رمضان يا روض القلوب تحية *** خطرت تجر إلى حماك ذيولا
قد جئت مرجوا لأكرم نفخة *** تذر الفؤاد بسحرها متبولا
رمضان حسبك ما شرفت به فقد *** فضلت من رب السماء تفضيلا
غصت رحابك بالتقاة وهو مت *** فيك الملائكة صعدا ونزولا
وتتبابعت رحامات ربك شرعا *** كالغيث فاض مباركا مقبولا
أيامك الغراء طاهرة الرؤى *** مثل الحمائم تستحم أصيلا
وجه الحياة على ضفافك مشرق *** وأريجك الذاكي يهب عليلا
تسمو به الأرواح فهي طليقة *** رغبت إلى كنف الخلود رحيلا
حنت لمغناها القديم فلم تجد *** إلا سبيلك للخلود سبيلا
نبراسك الوضاء يعلن للورى *** شرع السماء منزلا تنزيلا
آياته الزهراء فيك تلألأت *** وحيا يقيم إلى الفلاح دليلا
سادت به حين استقامت أمة *** واعتز من في النبر كان ذليلا
قد كان مدرسة تعد أئمة *** نشأوا على النهج القويم عدولا
وكأنهم في الله قلب واحد *** يحيا بنعمة ربه موصولا
رمضان هل لي وقفة أستروح الذ *** كرى واشف طلها المعسولا
إنا لنسبح في الهجير .. فهب لنا *** من ماء كوثرك العزيز قليلا
إنا لفي زمن مسيخ وجه *** قد مرغوه سبة ووحولا
الصالحون أولو النهى في أهلة *** غرباء .. سيموا الخسف والتنكيلا
أتخال عصر الجاهلية قد مضى ؟ *** لا ... لم يزل عهد الظلام طولا!
كم من أبي جهل ترآة مكابرا *** وتراه يوقع في المفاسد جيلا!
أدهى عصور الجاهلية عصرنا *** فا عجب له بالعلم صار جهولا
العلم بين يديه سطوه غاشم *** جحد الإله .. وأخطأ التأويلا
وغدا سلاح العلم فوق رقابنا *** شبحا يخيف مصيرنا المجهولا
ليل .. ون طالت غياهب ظلمه *** فلسوف يتلوه الصباح جميلا
رمضان ! هل لي وقفة أسترجع الـ *** ماضي .. وأرتع في حماه جذولا ؟
يستعذب الأمل المعذب رحلة *** تخذت من المجد التليد مقيلا
أبطال (بدر ) يا جباها شرعت *** للشمس .. تحكي وجهها المصقولا
كنتم على تاج الزمان لآلئا *** لعت ... وكنتم فجره المأمولا
حطمتم الشرك المصغر خده *** فارتد مشلول الخطى مخذولا
غنيت يوم ( الفتح ) مصحف مجدكم *** طربا .. أرتل آية ترتيلا
ولمحت مكة في الخيال وقد عنت *** للحق ... زائغة العيون ذهولا
وطلائع الجند البواسل أترعت *** طرقاتها بحرا يفيض سيولا
وأكاد أنظر للنبي مطأطئا *** متواضعا .. جم الوقار.. جليلا
ويصيح ( جاء الحق ) وهو يبيدا *** لهه الضلال ... ويمحق التضليلا
أين الطغاة الآثمون ؟ لقد عفا *** عنهم .. فكانوا للرسول قبيلا
أترى لهم سندا من الصنم الذي *** يهوي كثيبا في الرغام مهيلا ؟ !
لا يستوي رب السماء وربهم *** لكن عبء الحق كان ثقيلا
يا إخوة الإسلام .. إن سبيلنا *** للنصر يستدعي الفتى المسئولا
يعلي على الحق المبين لواءنا *** حرا .. ويطرد غاصبا ودخيلا
هي ذي أفاعي الغدر تنفث سمها *** أفلا نحطم نابها المهزولا ؟ !
لو ساد حكم الله فينا لم تهن *** في القدس قبلة مصطفانا الأولى
كلا .. ولا كان الجهاد تظاهرا *** والدين في أوطاننا مغلولا
رمضان هذي من فيوضك رشفة *** بلت لأحشاء الشجي غليلا
جئنا لننعم في لقاك ..ونحتفي *** بك فتية عرفوا الهدى وكهولا
ولك الجوانح رائحا او غاديا *** مثوى تحل به رضا وقبولا
من كتاب [نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان ] للشيخ سيد العفاني .