Anime Lovers
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Anime Loversدخول

descriptionصلاة المسافر Emptyصلاة المسافر

more_horiz
صلاة المسافر
فصل

ومن سافر لا لمعصية ستة عشر فرسخُا سُن له قصر رباعية مؤداة إلى ركعتين إذا جاوز السور أو العمران أو الخيام ونواه عند التحريم، ولو أحرم مقيمًا ثم سافر أو عكس أو ائتم بمقيم أو مشكوك، أو نوى إقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة، أو ذكر صلاة سفر في حضر أو بالعكس، أو ملاحًا معه أهله ولا ينوي إقامة في موضع، أو ذكر صلاة سفر في آخر أتم لا إن سلك البعدَ.


--------------------------------------------------------------------------------


بعدها ذكر "صلاة المسافر". المسافر في العادة يلاقي مشقة، قديما يلاقي المسافرون صعوبات ومشقة؛ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: السفر قطعة من العذاب؛ يمنع أحدكم نومه وراحته، فإذا قضى نهمته فليسرع الفيئة يعني: أنه عذاب وشديد. وذلك لأنهم كانوا إذا سافروا، إما أن يسافروا على أرجلهم ويحمل أحدهم زاده ونفقته على منكبه، يحمل معه كيسا فيه تمر أو أرغفة أو نحو ذلك، ويواصل المشي حتى يمشي اثني عشرة ساعة، وهو لم يجلس -مواصلا-، وإذا جاء الليل أراح نفسه.

وقد يكون مع الجماعة، جماعة يخرجون مسافرين على أرجلهم، ويستمرون يمشون عددا من الساعات، وإذا كانوا على رواحل، فإنهم يكونون في غاية الراحة، يعني: إذا كانوا يركبون على الإبل، ومع ذلك فقد يمشي أحدهم إذا كان السفر طويلا، يستغرق شهرا أو نحوه، فإنه يحمل زاده وماءه وأوانيه على راحلته، وتكون الراحلة +الخرقة هزيلة، لا تقدر إلا على حمل النفقة، لو ركبها لهزلت وعجفت وعجزت، فيختار المشي، ويحمل راحلته هذا المتاع الذي معه؛ رجاء أن يكفيه إلى أن يصل البلدة التي يقصدها كمكة.

إذا سافروا من الرياض إلى مكة، يبقون شهرا (ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين)، وإن شدوا على أنفسهم وصلوا بعد خمسة وعشرين يوما، فكانوا بذلك يلاقون مشقة، حتى الذي يركب إذا ركب على ظهر البعير، فإن البعير يهزه بسيره؛ لأنه راكب على ذلك الرحل، وقد يقبض أيضا خطام البعير، فالبعير يهزه ويحركه، والشمس أيضا تصهره أمامه أو خلفه، فلا ينزل إلا وقد أتعب، لا ينزل إلا وقد أحس بالتعب، وإن كان راكبا، ولكنه أخف من الماشي.

والماشي أيضا قد لا يجد حذاء، فكثيرا ما يمشي أحدهم وهو حاف عدة ساعات، وشاهدنا أن أرجلهم فيها ثقوب الشوك من كثرة وطئهم على الشوك، حتى تخرق أصول أرجلهم، وكذلك ما يلاقونه من الحجارة التي يطئونها، وقد يكون في شدة الشتاء، أو في شدة الصيف، الأرض تكون شديدة البرودة أو شديدة الحرارة، ومع ذلك يصبرون على هذه المشقة؛ وذلك لأنهم مضطرون إلى أن يسافروا على هذه الرواحل؛ فلذلك جاءت الرخص في السفر وهى أربعة: رخصة القصر، ورخصة الجمع، ورخصة الإفطار، ورخصة الزيادة في مدة المسح. هكذا جاءت هذه الرخص؛ وذلك للمشقة، والمشقة تجلب التيسير.

في هذه الأزمنة خفت المشقة وتقاربت البلاد، وقصرت المسافة، وأصبح السفر كثيرا يكون كنزهة، ليس فيه صعوبة وليس فيه مشقة، هذا هو الذي عليه الواقع الآن.

ثم إن المشائخ في هذه الأزمنة تساهل كثير منهم، فقالوا: كل من خرج من بلده -سواء برا أو جوا- على هذه الرواحل الجديدة، وقطع هذه المسافة، فإنه يقصر، وقدروا المسافة بأنها ستة عشر فرسخا، وذكر في التعليق أن الفرسخ ثلاثة أميال، والميل ألف باع، والباع أربع أذرع شرعية، وقالوا: إن الميل ألف باع تضرب في أربعة، أي: تكون أربعمائة ذراع شرعية، وقال: إن الذراع ستة وأربعون سنتيمتر واثنان في العشرة. نقل ذلك عن تعليق + على الإيضاح.

فيقول: قدر الميل بالمتر قدره أربعة آلاف متر، فتضرب في ستة وأربعين واثنين في العشرة، فيكون مائة وأربعة وثمانون مترا وثمانمائة تضرب في مائة، فتساوي ... أو تضرب يعني مائة وأربعة وثمانون سنتيمتر، فتساوى ألف وثمانمائة وثمانية وأربعين مترا.

ويكون مسافة القصر حسب ما سبق ثمانية وعشرين ميلا، قدرها بالكيلو متر، إذا ضربت ثمانية وعشرون، في ألف وثمانمائة وثمانية وأربعين، تساوي ثمان وثمانين مترا وسبعمائة وأربعة في الألف، هكذا قدروا.

وقد قدره بعضهم، قدر هذه الأمتار بمثل ما ذكر هنا تقديرا دقيقا، ونظم ذلك في أبيات ذكرها العنقلي في حاشيته على الروض، يقول فيها:

إن الـبريد مـن الفراسخ أربـع
والفرســخ فـثلـاث أميـال ضـع

والمـيل ألف أي من الباعات خذ

والبــاع أربــع أذرع فـتتـبـع

ثـم الـذراع من الـأصابع أربع

مـن بعـدهـا عشـرون ثم الأصبع

سـت شـعـير بطن كل شـعيرة

منهـا إلـى ظهر الـأخـيرة توضع

ثـم الشعـيرة سـت شعرات فخذ

مـن شـعر بغـل أو حـمار فاسمع



هكذا قدرها إلى أن قدرها بشعرة، الشعرة التي من ذنب بغل أو من ذنب حمار، نأخذ ست شعرات فنقيس بها الشعيرة، فإذا كانت الشعيرة ست شعرات، أخذنا ست شعيرات وقسناها بالإصبع، فإذا كان الأصبع ست شعيرات، حسبنا أربعة وعشرين إصبعا، وإذا هي الذراع، ثم حسبنا بهذا الذراع أربعة وعشرين أصبعا، فإذا هو باع أربع أذرع، الباع أربع أذرع، ثم نقول بعد ذلك: الميل: ألف باع، الميل الواحد، الفرسخ: ثلاثة أميال، البريد: أربعة فراسخ.

ثم هذا على تقدير الفقهاء؛ وذلك لأنهم كانوا ... يعني إذا كان ستة عشر فرسخا، فتقديرها بالأميال ثمانية وعشرون ميلا، وذلك لأن الفرسخ ثلاثة أميال، فإذا ضربت ستة عشر في ثلاثة، إذا هي ثمانية وعشرون، وكانوا يقطعون الميل في نصف ساعة، نصف ساعة يعني يقطعون في اثنتي عشرة ساعة، يقطعون فيها أربعة وعشرين ميلا، كل ميل في نصف ساعة، يسيرون عادة اثنتي عشرة ساعة، من أول النهار إلى آخره، فاثنتي عشرة ساعة في اليوم الأول: أربعة وعشرين ميلا، وفي اليوم الثاني كذلك، فتكون مسيرته أربعا وعشرين ساعة، هذه المسافة التي قدروها، ستة عشر فرسخا مسيرة أربع وعشرين ساعة، وهذا ما يقطعونه في يومين، هكذا قدروها.

فعلي هذا متى سار أربعة وعشرين ساعة، فإنه يقصر عندهم، وإذا سار أقل من أربعة وعشرين، فإنه لا يقصر، إذا كانت المسافة التي يقطعها ثماني عشرة ساعة، أو عشرين ساعة، فإنه لا يقصر، وذهب آخرون إلى أن السفر لا يقدر بهذه المسافة.

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "إن السفر هو ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقه؛ لأن في الحديث: السفر قطعة من العذاب فإذا كانت المسافة لا تقطع إلا بهذه المشقة، سمي سفرا". وقال أيضا في بعض الأماكن: إن السفر هو الذي يحتاج فيه المسافر إلى أن يحمل معه الزاد والمزاد، أن يحمل معه الطعام والشراب، إذا كانت المسافة يحتاج إلى أن يحمل فيها زاده، بأن يقطع عنه تمرا أو دقيقا، وكذلك ما أن إذا لم يكن الماء متوفرا في الطريق، فهذا هو السفر الذي يقصر فيه، ما يحتاج إلى حمل الزاد فيه، وأما الذي لا يحتاج لقصره، فإنه لا يسمى سفرا، هكذا قال.

ثم إن شيخ الإسلام -رحمه الله- قدره بالزمان لا بالمسافة، قدر السفر بالزمان الذي يقطعه الإنسان لا بالمسافة، فيقول: إن المسافة القريبة إذا قطعها الرجل في مدة طويلة، ترخص وسمي مسافرا، ولو كانت مثلا عشرة أميال، ولكن قطعها في يومين، فإنه يسمي مسافرا، وإذا كانت المدة قصيرة قطع فيها مسافة طويلة، فإنه لا يسمى مسافرا ولا يقصر. ويضرب مثلا في زمانه بقوله: فلو ركب رجل فرسا سابقا، وقطع مسافة لا تقطع إلا في يومين، ورجع في يومه، فلا يترخص ولا يسمى مسافرا، ولو قطع ثلاثمائة ميل، أو أربعمائة ميل، قطعها في يوم ورجع في يومه، فإنه لا يترخص؛ لأن الناس لا يفقدونه إذا ذهب يوما وليلة ثم رجع، لا يفقده جيرانه، ولا يأتون إليه يهنئونه ويسلمون عليه، ما غاب إلا أربعة وعشرين ساعة (يوما وليلة)، فلا يسمى مسافرا. فهذا هو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله-: أنها تقدر بالزمان لا بالمساحة، فمساحة طويلة قطعت في زمن قصير لا يسمى سفرا، ومساحة قصيرة قطعت في زمن طويل يسمى سفرا.

وحتى لو كان للنزهة، فلو خرج أناس للنزهة، وأبعدوا عن البلد، عن الرياض مثلا، أبعدوا عنها أربعين كيلو، ولكن نزلوا هناك في مخيم (في خيمة)، أو تحت شجر، فإنهم إذا أقاموا يومين، أو ثلاثة أيام أو عشرة، فإنهم يقصرون؛ وذلك لأنهم يعتبرون مسافرين على هذا الاصطلاح.

وأما من يرجع في يومه فلا يسمى مسافرا، فلو ركب طيارة ووصل إلى مصر، ثم رجع في يومه، فلا يسمى مسافرا، ولو ركب سيارة سريعة ووصل إلى القصيم، ورجع في يومه أو في ليلته، فلا يترخص ولا يسمى مسافرا؛ وذلك لقصر المدة التي قطعها.

وهذا قول له وجاهته، وذلك نظرا إلى قصر المدة. وإذا قيل: إنه قد يحصل عليه مشقة. فنقول: المشقة التي في يوم، قد تحصل أيضا في البلد، قد يحصل عند إنسان أعمال شاقة وهو في بلده، فلا نقول له ترخص وأنت في البلد، فإذا كان كذلك ... الإنسان مثلا إذا سافر ووصل إلى مكة، ورجع في يومه ... أو إلى جدة، فلا يقال: إنك تترخص. بل إن هذه المدة قصيرة، ما غبت عن أهلك إلى قليلا.

وقد عرفوا السفر بأن السفر سمي بذلك لأنه يسفر عن وجوه الرجال، يعني: أنك إذا سافرت مع إنسان سفرا طويلا، عرفت أخلاقه، وعرفت حالته، وحدته وشدته ولينه وديانته وأمانته، وإذا سافرت معه يوما أو ليلة، لم تعرف ذلك.

ذكر أن شاهدا شهد عند عمر -رضي الله عنه-، فقال: إني لا أعرفك، ائتني بمن يعرفك. فقال رجل في المجلس: أنا أعرفه. فقال: هل صحبته في السفر؛ حتى تعرف حدته وشدته وليونته وديانته وأمانته. قال: لا. فقال: هل جاورته طويلا حتى تعرف مدخله ومخرجه وصحبته ونحو ذلك. قال: لا. فقال: هل عاملته بالدينار والدرهم حتى تعرف نصيحته وأمانته وورعه. قال: لا. قال: لست تعرفه. فجعل من أسباب المعرفة الصحبة في السفر؛ وذلك لأن السفر يطول، فلأجل ذلك يكون سببا في معرفة الإنسان إذا صحبته، وهذا معنى قولهم: إنه يسفر عن أخلاق الرجال.

فعلى هذا، تقدير الفقهاء بستة عشر فرسخا بالنسبة إلى حالتهم وإلى زمانهم، عندما كان السفر على الإبل أو على الأرجل، فستة عشر فرسخا لا تقطع إلا في يومين (في أربعه وعشرين ساعة)، اليوم الأول اثنتي عشرة ساعة متوالية ثم يمسون، واليوم الثاني اثنتي عشرة ساعة متوالية، ثم يبيتون ويرجعون، كذلك أيضا في يومين، فكانت هذه المدة فيها هذه المسافة.

وقدرت في ذلك الزمان بمسافات أو بقرى، فقدرت من مكة إلى عسفان أنها مسافة قصر إلى عسفان، وهى قريب من تسعين كيلو الآن، وكذلك من مكة إلى جدة، كانت أيضا قريبا من المائة، وإن كانت الآن قد تقاربت، امتدت مكة نحو عشرين كيلو، وامتدت جدة نحو مكة عشرين كيلو، فما بقي إلا ستون أو نحوها (ستون كيلو)، فأصبحت ليست مسافة قصر، وكذلك من الرياض إلى الخرج كانت مسافة قصر، لا تقطع إلا في يومين، ولكن تقاربت أيضا لامتداد الرياض وامتداد الخرج نحوها، فقربت المسافة، ومع ذلك ذكرنا أن وسائل النقل الحديثة قربت البعيد، فأصبحت هي المعتبرة، فأصبح المختار أن الإنسان إذا سافر ولو قطع ألف كيلو ورجع في يومه، لا يترخص، وإذا قطع أربعين كيلو، ولم يرجع إلا بعد يومين، أنه يترخص.

القصر هل هو واجب أو سنة؟

المشهور أنه سنة وليس بواجب؛ وذلك لأنه روى عن عائشة قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر يفطر ويصوم، ويتم ويقصر هكذا جاء أنه أحيانا يتم، وإن كان الأكثر أنه كان يقصر من حين يخرج من المدينة إلى أن يرجع إليها، وهو مستمر في كونه يقصر الرباعية، ولكن يغيب عن المدينة شهرا، وربما أربعين يوما، ويغيب أيضا خمسة عشر يوما، أو نحو ذلك في غزواته، فيلاقى مشقة فيقصر.

ثم من الدليل على جواز الإتمام أن عثمان -رضي الله تعالى عنه- أتم في مكة في منى، وأتم معه الصحابة، وكذلك عائشة، وهي التي روت: أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر ومع ذلك كانت تتم أحيانا، ويقولون: إنها تأولت كما تأول عثمان، فهذا دليل على أنه يجوز للمسافر أن يتم الرباعية، وإن كان السنة أن يقصر أخذا بالرخصة؛ لأن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته.

القصر يكون في الرباعية، فيصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، ولا تقصر المغرب ولا تقصر الفجر؛ لأنها قصيرة، إذا كان مؤداة، أما إذا كانت مقضية، فإنه يتمها، فلو مثلا أنه نسي صلاة في الأمس (صلاة الظهر)، وذكرها وهو في السفر، فإنه يصليها أربعا؛ لأنها وجبت عليه أربعا، وكذلك ... كثيرا ما يحدث أن المسافر يؤذن المؤذن وهو في الرياض، وقد ركب سيارته، ويخرج من الرياض بعد الأذان بربع ساعة، أو بنصف ساعة، فماذا يصلى؟ يصلي أربعة؛ لأنه دخل عليه الوقت وهو في البلد، فلابد أن يتم هذه الصلاة التي لزمته قبل أن يسافر.

متى يبدأ في القصر؟

إذا جاوز السور، إذا كانت البلد عليها سور، فلا يقصر إلا إذا تجاوز السور، وإذا لم يكن عليها سور، فإذا جاوز العمران، إذا جاوز البيوت العامرة ابتدأ، وإذا لم يكن عنده بيوت كالأعراب، فإذا جاوز الخيام، إذا جاوز خيام قومه وبيوت الشعر، ولا بد أن ينوي القصر عند التحريمة، إذا أراد أن يكبر نوى أنه يصليها قصرا ركعتين.

ثم يقولون: ولو أحرم مقيما ثم سافر، أو عكس، أو ائتم بمقيم أو مشكوك فيه، أو نوى إقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة، أو ذكر صلاة سفر في الحضر، أو بالعكس ... إلى آخره، فمثل هؤلاء يتمون.

قديما توجد السفن، فيمكن أن تكون السفينة قد أرست على جانب البحر، والبحر على طرف المدينة، فيكبر لصلاة الظهر وهو في السفينة، يكبرون، وإذا صلوا ركعة مشت السفينة، فهل يتمون أو يقصرون؟ ومثله القطار: لو كبر والقطار واقف، ثم سار القطار وسيره سريع، ولم يتم صلاته إلا بعدما سار نحو أربعين كيلو، فإنه في هذه الحال يتم؛ لأنه ابتدأ الصلاة وهو في البلد، ولو نوى القصر فإنه لا يصح، لا بد أن يتم إذا ابتدأ الصلاة وهو مقيم.

وكذلك لو رخص له أن يصلي في السيارة، وكبر والسيارة في داخل البلد، فإنه يتم، هذا إذا أحرم مقيما ثم سافر، وكذلك العكس: لو كبرت وأنت في القطار، وبينك وبين الرياض مثلا ثلاثون كيلو، ولما صليت ركعتين وإذا القطار قد دخل الرياض، فإنك تتم، أي: تصليها أربعا؛ لأنك وصلت إلى البلد.

كذلك إذا صلى خلف مقيم لزمه الإتمام، ولو كان مسافرا، فلو مر مسافر على محطة، وأهل المحطة مقيمون، وقد تقدم إمامهم يصلي بهم، فصلى خلف إمامهم الذي يصلي أربعا، فإنه يتم ولو كان على سفر، من صلى خلف المقيمين لزمه الإتمام، حتى ولو لم يدرك إلا التشهد. إذا جئت والإمام في التشهد وهو إمام المقيمين، فإنك تصلى أربعا تجلس معهم وتتشهد، فإذا سلم تقوم وتصلى أربعا ولو كنت مسافرا، وكذلك إذا كنت تشك فيه: إذا دخلت في هذا المسجد مسجد محطة، ووجدت إماما يصلي، لا تدري هل هو مقيم أم مسافر؟ ولم تتحقق أنه مسافر، لك أن تسأل بعضهم: هل أنتم مقيمون أو مسافرون؟ هل أنت مقيم؟ فإذا أشار نعم، أو هل أنت مسافر؟ فإذا حرك رأسه أن لا، عرفت أنه مقيم أو مسافر، ولكن إذا كبرت وأنت تشك هل هو يقصر أم يتم. فادخل معهم بنية الإتمام؛ لأن الإتمام هو الأصل.

كذلك يقولون: إذا نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة، فإنه يتم، قالوا: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام في الأبطح أربعة أيام وهو يقصر، وأقام في منى أربعة أيام وهو يقصر، صلاة الأربعة أيام عشرين صلاة، فإذا زاد على هذه الأيام فإنه يتم، وهذا اجتهاد من الفقهاء.

وقالوا: إنه أقام -صلى الله عليه وسلم- سنة الفتح في الأبطح ستة عشر يوما وهو يقصر، وأجابوا بأنه لم يكن عازما على الإقامة، بل يتحرى وينتظر، يمكن أن يسافر غدا أو يسافر بعد غد، لم يمكن عازما على الإقامة، وكذلك أيضا أقام في تبوك عشرين يوما وهو يقصر، وقالوا: إنه لم يكن عازما على الإقامة؛ لأنه ينتظر العدو أن يأتي، أو ينتظر أن يتوجه إليهم، فدل على أنه لم يكن عازما. هكذا أجابوا، وهذا هو الذي عليه أكثر الفقهاء: أن من أقام أربعة أيام، فإنه يقصر، يعني أكثر من أربعة أيام في صلاة. ويختاره مشائخنا: الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ ابن باز، وغيرهم رحمهم الله.

وهناك قول أنه يفرق بين الذي يكون مستقرا، وبين الذي لا يكون مستقرا، مثاله نقول: الذي يكون مستقرا هو الذي يسكن في الأبنية المجهزة، إذا سكن في شقة أو في فندق أو في عمارة أو في فيلة، ولو يوما أو يومين، فإنه يتمتع بما يتمتع به المقيمون، فعنده الفرش وعنده اللحف، وعنده الكهرباء والأنوار والتكييف، وعنده الخدمات، وعنده الحمامات والمياه والبرادات وما أشبهها. فهل يقال: إن هذا على سفر؟ وهل يقال: إن هذا في شدة عذاب؟ أو في قطعة من العذاب؟

نقول: مثل هذا لا يترخص، بل يتم الصلاة ويصلي مع الجماعة، والغالب أنه يكون في قربه مسجد، حتى ولو كانوا أربعة في هذه الشقة أو عشرة، نقول: إن عليهم أن يتموا، ولو لم يقيموا إلا يوما أو يومين؛ لأنه لا فرق بينهم وبين الذين إلى جانبهم من أهل البلد.

وأما إذا لم يسكن في هذه المساكن، بل كان في سيارته، ينام في سيارته، أو معه فراش يفرشه وينام إلى جانب سيارته، وإذا أراد الأكل أكل في مطعم، أو اشترى رغيفا وأكله يستظل في سيارته، أو يستظل في شجرة، أو قد بني له خارج المدينة قبة يستظل بها صغيرة، فنرى أنه مسافر ولو أقام عشرة أيام أو أكثر من ذلك، وما ذاك إلا أنه على أهبة السفر، ونحمل على ذلك إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة ستة عشر يوما، ومعه المهاجرون والأنصار والمسلمون، معه عشرة آلاف، هل أولئك ساكنون في شقق؟ هل هم ساكنون في أبنية؟ أكثرهم يستظلون بالشجر، وكثير منهم أو قليل معهم قباب، مع أحدهم قبة صغيرة، إما من أدم، وإما من صوف أو نحو ذلك، يستظل العشرة في تلك القبة الصغيرة أو نحو ذلك، كانوا على أهبة السفر، وكانوا على المشقة، في غاية المشقة لبعدهم، ولأن العلة في رخص السفر هي المشقة، فإذا وجدت المشقة فإنه يرجع إلى الرخص، وذلك للقاعدة المشهورة: "المشقة تجلب التيسير".

يقول: "أو ذكر صلاة سفر في حضر" . يعنى: نسي صلاة الظهر وهو في الطريق، وجاء وصلى العصر في البلد، وتذكر صلاة الظهر التي مرت به وهو في الطريق، يصليها أربعا؛ لأن السفر قد زال، ولأن المشقة قد زالت، أو بالعكس: نسي صلاة الظهر وهو مقيم وسافر، ولما كان في الطريق وصلى العصر، تذكر أنه ما صلى الظهر التي مرت به وهو في بلده، يصليها أربعا؛ لأنها وجبت عليه أربع، ولأن العبادات يحتاط لها، فالاحتياط أن يصليها كاملة.

"أو مَلَّاحَا معه أهله ولا ينوي إقامة في موضع" . الملاح: هو صاحب السفينة الذي دائما، وهو في سفينته، ومعه أهله (معه زوجته وأولاده) أكثر وقته، وهو في البحر، قد يقيم في البحر نصف شهر، وهو في لجة البحر متوجها، وقد يقيم أيضا في طرف البلد إذا أرست السفينة، ولكن معه أهله، فمثل هذا متى يتم؟ عمره كله وهو في هذه السفينة، فهل يقصر؟ لا يقصر. لو قصر لكانت صلاته كلها عشرين سنة أو ثلاثين وهو يقصر، فمثل هذا يتم صلاته؛ لأنه لا ينوى إقامة في موضع.

"كذلك لو ذكر صلاة سفر في آخر أتم أيضا". يعني: سافر مرة إلى الحجاز، ولما أقبل نسي صلاة الظهر، وأقام في الرياض يوما أو أياما، ثم سافر بعد ذلك إلى الإحساء، ولما كان في الطريق تذكر أنه ترك صلاة الظهر في مجيئه من الحجاز، فتذكره في سفره إلى الإحساء، فهل يتمها أو يقصر؟ يتمها؛ لأنه فرط، كان عليه أن يصليها لما كان مقيما في الرياض.

"لا إن سلك البعد". يقولون: لو كان مثلا للخرج طريقان: طريق بعيد يكون ثمانية وعشرين ميلا، وطريق قريب ثمانية عشر ميلا، أو يعني أقل من المسافة، يعني طريق يقطعه في يوم ونصف، وطريق يقطعه في يومين، ثم إنه سلك الطريق البعيد الذي يقطعه في يومين، فإنه يقصر، ولا نقول: لماذا لم تذهب مع الطريق القصير حتى تتم؟ يقول: هذا سفر وهذا سفر، اخترت هذا ولو لم يكن هناك سبب. إذا سلك الطريق البعدي التي مسافتها مسافة قصر، فإنه له أن يترخص.

هذا فصل القصر، الفصل الذي بعده يتعلق بالجمع، أي جمع الصلاتين.

descriptionصلاة المسافر Emptyرد: صلاة المسافر

more_horiz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

descriptionصلاة المسافر Emptyرد: صلاة المسافر

more_horiz
يـسـلـموؤوؤوؤوؤوؤو ياقـمـر ع المـوؤوؤوضـوؤوؤوع الـراآاآاآاآئـع
تـقبـلـي مـروؤوؤوؤوري :D

descriptionصلاة المسافر Emptyرد: صلاة المسافر

more_horiz
يسلمووووووا على المووضووع بنت الامارات
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد