مقالات
عيد الأم ...الخلفيات التاريخية والابعاد الأسطورية
عيد الأم ...الخلفيات التاريخية والابعاد الأسطورية
يحتفل الشرق والغرب بعيد الأم في أيام وشهور مختلفة لكنهم جميعا يخصصون ربيع الخصب والعطاء لست الحبايب التي لايوجد أجماع عالمي على الايجابة المطلقة الا حبن يتعلق الأمر بتلك التي تهبنا الهاءات الثلاث الحياة و الحب والحنان فمن أين جاءت فكرة عيد الأم ؟وكيف تم تطويرها وتحديدها عبر التاريخ ؟ هذا ما سنتعرف عليه بمناسبة عيد الأم التي يحتفل العالم العربي بها سنويا في الحادي والعشرين من شهر مارس - آذار من كل عام وبهذه المناسبة تتقدم صحيفة الهدهد الدولية لجميع الامهات في العالم العربي والعالم بالتهنئة و الأكبار وتدم لها ولمن يحتفون بها غدا حكاية عيد الأم عبر تطورها التاريخي - وقبله الأسطوري - بين الغرب والشرق .
أول الأساطير المعروفة عن عيد الام تنسب حكايتها الى شعب فريجيا بآسيا الصغرى ، حيث كانوا يعتقدون أن أهم إلهة لهم هى (سيبيل) ابنة السماء والأرض
وكانت سيبيل أم لكل الآلهة الأخرى ، وفى كل عام يقوم شعب فريجيا بتكريمها في يوم معلوم وهذا يعد أول احتفال حقيقى من نوعه لتكريم الأم.
ثم جاء اليونانيون فوضعوا الاحتفال بالأم ضمن احتفالات الربيع ، وفازت الإلهة رهيا عندهم بلقب الإلهة الأم لأنها كانت أقواهم، وبالمثل كان عند الرومانيين ذات الآلهة لكن تسمى باسم ماجنا ماتر او الأم العظيمة كما كانوا يطلقون عليها ، وكان الاحتفال بها يتم يوم 15 مارس - آذار من كل عام
يوم الأم في العصور الوسطي
في العصور الوسطى كان من غير المسموح للأطفال العاملين بأخذ إجازات إلا مرة واحدة في العام ، وهو الأحد الرابع من الصوم الكبير، يعود فيه الأبناء إلي منازلهم لرؤية أمهاتهم وكان يطلق عليه أحد الأمهات وعندما غزا المستعمرون أمريكا توقف الاحتفال "بأحد الأمهات" في عام 1872.وكانت العودة للاحتفالات مرة أخرى علي يد الكاتبة "جوليا وارد هاوى" التي اعادت الاحتفال به نسبيا لكن ورغم كل محاولاتها و اقتراحاتها إلا لم يؤخذ الاقتراح بتثبيت يوم خاص للام بشئ من الجدية ثم كانت هناك محاولات عدة من أشخاص آخرين تدعم وتنادى بفكرة هذا الاحتفال ومنهم المعلمة "مارى تاويلز ساسين" التي تقدمت باقتراحها أن يقوم الطلاب بإعداد برنامج موسيقى لأمهاتهم من كل عام للاحتفال بهن.
المؤسسة الحقيقية
لكن المؤسسة الفعلية لهذا اليوم في أمريكا هى إمرأة تسمى "آنا جارفيس" ، ولدت في عام 1864 وعاشت في "جرافتون غربى ولاية فيرجينيا خلال فترة شبابها ، وكانت تبلغ من العمر عاماً واحداً عند انتهاء الحرب الأهلية حين كان يوجد كره كبير بين العائلات وبعضها في غربى فيرجينيا. وكانت آنا تسمع دائماً أمها تردد العبارة التالية "في وقت ما، وفي مكان ما، سينادى شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم" وتترجم رغبتها هذه في أنه إذا قامت كل أسرة من هذه الأسر المتحاربة مع بعضها بتكريم الأم والاحتفال بها سينتهى النزاع والكره الذي يملأ القلوب ، وعندما توفيت والدة "آنا" أقسمت لنفسها أنها ستكون ذلك الشخص الذي سيحقق رغبة أمها ويجعلها حقيقة ، وبناءً علي طلبها والحاحها قام المسئول عن ولاية فيرجينيا بإصدار أوامره بإقامة احتفال لعيد الأم يوم 12 مايو عام 1907، وهذا هو أول احتفال لعيد الأم في الولايات المتحدة الأمريكية.واستمرت آنا في كتابة الخطابات التى تنادى فيها بأن يصبح هذا العيد عيداً قومياً بكل ولايات أمريكا ويكون في الأحد الثانى من مايو ، وبحلول عام 1909، أصبحت كل ولاية تقريباً تحتفل بهذه المناسبة إلي أن جاء الرئيس ويلسون في 9 مايو عام 1914 وقام بتوقيع إعلان للاحتفال "بعيد الأم" في الأحد الثانى من مايو في جميع الولايات.
ولم تكتف "آنا" بذلك بل استمرت في كتابة الخطابات، وإلقاء الكلمات التى تنادى فيها بأن يكون هذا العيد عيداً عالمياً تحتفل به كل شعوب العالم وليس أمريكا فقط، وقبل وفاتها في عام 1948 تحقق حلمها الذي كان يراودها وانتشرت الفكرة في جميع أنحاء العالم حيث أخذت تحتفل به أكثر من 40 دولة علي مستوى العالم الغربى والعربى.
باستثناء بريطانيا التي يختلف عيد الام فيها كل عام لانها حددت يوم الاحد في الاسبوع الاخير من شهر مارس - آذار للاحتفال بالامهات وهكذا صار اليوم يختاف من عام لاخر وان بقي في الشهر نفسه
يوم الأم في بلاد الشرق
كان الصحفي المصري الراحل علي أمين - مؤسس جريدة أخبار اليوم مع اخيه مصطفي امين - قد طرح في مقاله اليومي فكرة الاحتفال بعيد الأم قائلا: لم لانتفق علي يوم من أيام السنة نطلق عليه 'يوم الأم' ونجعله عيدا قوميا في بلادنا وبلاد الشرق.. وفي هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الصغيرة ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها شكرا ، لماذا لانشجع الأطفال في هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعوها من العمل، ويتولوا هم في هذا اليوم كل أعمالها المنزلية بدلا منها ولكن أي يوم في السنة نجعله 'عيد الأم'؟
وبعد نشر المقال بجريدة 'الأخبار' اختار القراء تحديد يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع ليكون عيدا للأم ليتماشي مع فصل العطاء والصفاء والخير.
وهكذا كان أول عيد احتفل به المصريين بأمهاتهم في 21 مارس سنة 1956م .. وهكذا خرجت الفكرة من مصر إلى بلاد الشرق الأوســط الأخرى .. وقد اقترح البعض في وقت من الأوقات تسمية عيد الأم بعيد الأسرة ليكون تكريمًا للأب أيضًا، لكن هذه الفكرة لم تلق قبولاً كبيرًا .
ولا بد من الإشارة أيضا الى ان تيارات كثيرة منها التيار الاسلامي المتشدد ما يزال يرفض الاحتفال بعيد الام في هذا التاريخ او خلافة لانها تستحق التكريم كل أيام العام ، كما أن تسمية يوم الإحتفال بالعيد يتناولها البعض بشيئ من التعسف و الرفض بإعتبار ان الأعياد هي الأعياد الدينية فقط ، و بالرغم من ذلك فمنذ بدأ الأحتفال بالام بهذا التاريخ و الاحتفال به يأخذ أبعادا اكبر و رقعة أكثر اتساعاً كل عام ... فكل عام و كل ام بألف خير .