*هذا الشاعر المجاهد أطلق عليه الإمام عبد الحميد بن باديس سنة 1940م )لقب ” أمير شعراء الجزائر ” وهو يعتبر احد ابرز علماء و مدرسي و شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كافحت في سبيل عزة الإسلام و المسلمين ضد الاستدمار الفرنسي الغاشم
هو محمد العيد بن محمد علي بن خليفة من محاميد سوف المعروفين بالمناصير من أولاد سوف من شرق الصحراء، بمدينة كوينين-ولاية الوادي الجزائرية.
ولد في مدينة عين البيضاء ( مدينة بأقصى الشرق الجزائري) بتاريخ 28 أوت
1904 م الموافق 27 جمادى الأول 1323 هـ . حفظ القرآن الكريم كاملا و لم
يتعدى الثانية عشر من العمر كما تلقى الحديث وأصول الدين و اللغة عن
الشيخين محمد الكامل بن عزوز و أحمد بن ناجي انتقل مع
أسرته إلى مدينة بسكرة سنة 1918 و واصل دراسته بها عن المشايخ علي بن
إبراهيم العقبي الشريف و المختار بن عمر اليعلاوي و الجنيدي أحمد مكي.
في سنة 1921 غادر شاعرنا إلى تونس حيث التحق بجامع الزيتونة المعمور
ودرس على مجموعة من العلماء لمدة سنتين عاد بعدها الى مدينة بسكرة – بوابة
الصحراء الجزائرية - و شارك في حركة الإصلاح الديني عن طريق التعليم و
النشر في الصحف و المجلات " صدى الصحراء " للشيخ أحمد بن العابد العقبي و
" المنتقد " و " الشهاب " للشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس و " الإصلاح
" للشيخ الطيب العقبي.
في سنة 1927 دعي إلى العاصمة الجزائر للتعليم بمدرسة الشبيبة الإسلامية
الحرة حيث بقي مدرسا بها و مديرا لها مدة اثني عشر عاما و في هذه الفترة
أسهم في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و كان من أعضائها العاملين .
و نشر كثيرا من قصائده في صحف الجمعية " البصائر ، السنّة ، الشريعة ، و الصراط " و كذا في صحيفتي " المرصاد " و " الثبات " لمحمد عبابسة الأخضري .
في سنة 1940 بعد نشوب الحرب العالمية الثانية غادر العاصمة إلى مدينة
بسكرة و منها إلى مدينة باتنة- عاصمة الاوراس - للإشراف على مدرسة التربية
و التعليم حتى سنة 1947 ثم انتقل إلى مدينة عين مليلة ( و هي تبعد عن
قسنطينة بحوالي 50 كلم ) للإشراف على الإدارة و التدريس بمدرسة العرفان
الإسلامية إلى سنة 1954م تاريخ اندلاع الثورة الجزائرية المباركة في وجه
الاستدمار الفرنسي الغاشم.
بعد اندلاع الثورة التحريرية المباركة أغلقت المدرسة كغيرها من مدارس جمعية العلماء المسلمين و ألقي القبض عليه و زج به في السجن وخضع للتعذيب لكنه صبر محتسبا مثل اخوانه المجاهدين و لما لم تنفع معه جميع اساليب الضغط و الترهيب بادرت السلطة الاستعمارية بإطلاق سراحه و فرضت عليه الإقامة الإجبارية في مدينة بسكرة فلبث معزولا عن المجتمع تحت رقابة مشددة إلى أن فرج الله عليه و على الشعب الجزائري بالتحرر و الاستقلال.
توفي رحمه الله في شهر أوت ( أغسطس ) سنة 1979 في تونس و دفن في بسكرة.
يعد محمد العيد آل خليفة من رواد الشعر العربي الحديث، ومهما اجتهدنا في
تبيان أهمية شعره فلن نقول أكثر مما شهد به رئيس العلماء وشيخ الأدباء
البشير الإبراهيمي (ت 1965 م) الذي قال : ((رافق شعره النهضة الجزائرية في
جميع مراحلها, وله في كل نواحيها, وفي كل طور من أطوارها، وفي كل أثر من
آثارها - القصائد الغر والمقاطع الخالدة، شعره - لو جمع - سجل صادق لهذه النهضة وعرض رائع لأطوارها ))
وكان الشاعر
محمد العيد ينطلق في شعره من أربع كليات هي : الإسلام ، الوطن ، العروبة و
والإنسانية ، فكان سجلا أمينا لأحداث الوطن الصغير والكبير على السواء, ومعبرا عن آمال الأمة وآلامها ولا تكاد تخلو قصيدة من الطابع الديني حتى في القصائد الذاتية وقصائد الرثاء والوصف.
وقد جمع قصائد الديوان أول مرة تلميذه أحمد بوعدو سنة 1952 م, وتم طبعه سنة 1967 م, ثم قام أحد تلامذته بالكشف عن قصائد للشاعر لم تنشر، جمعها من الصحف الوطنية القديمة، ومن النسخة المخطوطة من ديوان الشاعر، ومن أسرته ومعارفه, وهي بذلك تكملة واستدراك على الديوان،ونشرها في كتاب وسمه بـ (العيديات المجهولة).
من آثاره أيضا : أنشودة الوليد، رواية بلال بن رباح (مسرحية شعرية)، ديوان محمد العيد.
إن الحديث عن شعر محمد العيد يقودنا إلى الحديث عن الشعر الديني الجزائري
الحديث الذي امتاز بتنوع الموضوعات، وغزارة الإنتاج، وكان له دور كبير في
الساحة الأدبية والروحية والسياسية الجزائرية, حيث إنه يمثل قسما كبيرا من
الشعر الجزائري الحديث حيث ان هذا الشعر لم يكن مدحا فقط لصاحب الرسالة
الإسلامية – عليه الصلاة و السلام - بل حمل الهم الاجتماعي للشعب إضافة
إلى القيم الروحية والتربوية التي كان يدعو إليها.
و في هذا المقام يقول الدكتور المحقق الشاعر
صالح الخرفي في دراسة عن شعر محمد العيد : (يحلق محمد العيد في الأفاق
البعيدة للرسالة السماوية والمواقف البطولية لظهور الإسلام, والتركيز في
حياة محمد صلى الله عليه وسلم على جانب الجهاد, والوقوف مليا عند فتوحاته,
وتلك هي مطامح الشعب الجزائري, وهو يعاني من التحكم الأجنبي)
وكان لمحمد العيد حوليات شعرية اعتاد إلقاءها في المناسبات الخاصة بجمعية العلماء، وفيها تنويه بالقيم السامية للدين الإسلامي، وتغن بالعلم والعلماء. ويلتفت الشاعر إلى تاريخ السلف الصالح فيذكر بخصالهم،
و لعل القصيدة الرائعة التي جادت بها قريحته في الرد على الفرنسي آشيل ACHILLE (و هو معمر
فرنسي عاش في الجزائر بين سنوات 1885-1948 م .) وموقفه العدائي من القرآن
الكريم حيث وصفه بأنه كتاب يدعو إلى الهمجية و القتل في مقالات نشرها في
جريدة (لاديبيش: la dépêche de Constantine و معناها
باللغة العربية البرق أو البرقية ) التي كانت تصدر في مدينة قسنطينة ،
يدحض فيها اباطيله ومنافحا فيها عن كتاب الله عز و جل القرآن الكريم ، و
منوها فيها بموقف الإمام عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية
العلماء المسلمين الذي كتب سلسلة من المقالات في مجلة البصائر فند فيها
أكاذيب و أباطيل هذا المستدمر الخبيث و هاكم بعض من أبياتها :
هيهات لا يعتري القرآن تبديل … وإن تبدل توراة وإنجيل
قل للذين رموا هذا الكتاب بما … لم يتفق معه شرح وتأويل
هل تشبهون ذوي الألباب في خلق… إلا كما تشبه الناس التماثيل
فاعزوا الأباطيل لقرآن وابتدعوا..في القول هيهات لا تجدي الأباطيل
وازروا عليه كما شاءت حلومكم … فإنه فوق هام الحق إكليل
ماذا تقولون في آي مفصلة .. يزينها من فم الأيام ترتيل
ماذا تقولون في سفر صحائفه… هدى من الله ممض فيه جبريل
آياته بهدى الإسلام ما برحت … تهدي المماليك جيلا بعده جيل
فآية ملؤها ذكرى وتبصرة … وآية ملؤها حكم وتفصيل
فليس فيه لا على الناس منزلة … (عدن) وفيه لأدنى الناس سجيل
ولا احتيال ولا غمص ولا مطل … ولا اغتيال ولا نغص وتنكيل
إن هو إلا هدى للناس منبلج … ضاحي المسمى أغر الاسم تنزيل
لئن مضت عنه أجيال وأزمنة… تترى فهل سامه نقض وتحويل
ما بال (آشيل) في (الدبيش) يسخر..من آيات محكمة لا كان (آشيل)
ما بال (آشيل) يهذي في مقالته … كحالم راعه في النوم تخييل
ما بال (آشيل) يزري المسلمين وهم … غر العرائك انجاب بهاليل
أفكارهم بهدى القرآن ثاقبة … فلا يخامرها في الرأي تضليل
وأمرهم بينهم شورى ودينهم … فتح من الله, لا قتل وتمثيل
لا يعدم الحق أنصارا تحيط به … سورا ولو كثرت فينا الأضاليل
هذا ابن باديس يحمي الحق متئدا … كذاك يتئد الشم الأماثل
(عبد الحميد) رعاك الله من بطل .. ماضي الشكيمة لا يلويك تهويل
دمغت أقوال (آشيل) كما دمغت … أبطال (أبرهة) الطير الأبابيل
عليك مني, وإن قصرت في كلمي … تحية ملؤها بشر وتحليل
والتتمة ما كٌتب عن الشاعر:
«الاتجاه الإسلامي في شعر محمد العيد الخليفة»
للدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع
عرض: أ.د. حسين علي محمد
«محمد العيد الخليفة من الشعراء العرب المعاصرين
الذين انتهجوا نهجاً إسلاميا واضحاً في شعرهم، وكان لهم خط فكري مميَّز،
ويستطيع النّاقد البصير أن يخرج من قراءة نقدية تحليلية لشعره بتصوُّر
واضح لفكره الإصلاحي، واتّجاهه الإسلامي».
بهذه الفقرة يبدأ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع كتابه عن الشاعر الجزائري الكبير محمد العيد الخليفة (1323-1399هـ)، الذي يُعَدُّ واحداً من أفضل شعراء الجزائر في القرن الرابع عشر الهجري.
وفي المقدمة يتحدّث المؤلف عن زيارة قام بها إلى الجزائر في عام 1400هـ،
اشترى فيها عدداً من الدّواوين، كان من بينها ديوان محمد العيد الخليفة،
وما أن بدأ يقرأ قصائد الديوان حتى شعر أنه عثر على كنز ثمين، يتمثَّل في
شاعر عملاق، ورأى أن يقصر هذه الدراسة على الاتجاه الإسلامي في شعره؛ لأنه
جانب مهم، يستحق مزيداً من العناية.
ثم تحدّث في التمهيد عن الشاعر، فذكر أنَّه ينتسب إلى قبيلة المحامد العربية المُهاجرة من ليبيا، وقد تلقّى دراسته في العلوم الشرعية والعربية في جامع الزيتونة بتونس، ثم تناول وظائفه وجهاده، وسجنه من قبل الفرنسيين الذين اعتبروا شعره من أقوى دوافع الثورة والتحريض ضدَّهم.
وبعد استقلال الجزائر آثر شاعرنا الانزواء، والتفرغ للعبادة، إلى أن توفّاه الله في رمضان 1399هـ (يوليو 1979م).
ويقع الكتاب في ستة فصول تتناول:
1-ثقافة محمد العيد الخليفة، والعوامل المؤثرة في شعره.
2-مفهوم الإسلام في شعره.
3-موضوعات إسلامية في شعره، مثل: الحج، والصيام، والتصوف.
4-العروبة في شعره.
5-شخصيات إسلامية وعربية في شعره.
6-آراء نقدية في شعره.
ثم يختتم الكتاب بمختارات من شعر الشاعر.
وتتمثَّل إضافة هذا الكتاب في:
1-الكشف عن المنابع الإسلامية في الجزائر (بيئة الشاعر)
أيّام الاحتلال، التي أنجبت لنا مفكِّرين (مثل مالك بن نبي) وشعراء (مثل
محمد العيد الخليفة)، وهذه المنابع تتمثَّل في المساجد، والمدارس الأهلية،
وجمعية العلماء المسلمين (التي أسسها عام 1931م عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي والطيب العقبي … وغيرهم).
2-بيان رؤية الشاعر الإسلامية ذات الأصول الرّاسخة والرؤية اليقينية التي ترى في الإسلام نسباً:
يسائلني عن نسـبتي كلُّ وافِدٍ
عليَّ، وعنْ شعري، وعنْ كُنهِ مطْلبي
فقلتُ لهمْ: أرْضٌ العروبةِ موْطِني
وديـني هُو الإسلامُ، والقدوةُ النَّبي
وهذا النسب السَّماوي دائم وموصول، ولن ينفصم بمشيئة الله:
وما نحنُ إلا أمَّـةٌ ذاتُ نسْـبةٍ
سماويَّـةِ الأسبابِ لنْ تتَقَطَّعا
3-الكشف عن وجه شاعر إسلامي إصلاحي، ومن ذلك دعوته المرأة الجزائرية المسلمة أن تتفهَّم دوره الحقيقي في الحياة، مع الحجاب والعفة والاحتشام:
علِّموا المرأةَ الحقائقَ في الدِّيـ
ـنِ، فقدْ طوَّحتْ بها الأوْهامُ
علِّموها كيفَ الرِّعايةُ للطِّفْـ
ـلِ، وكيفَ التَّلقينُ والإلْهامُ
علمــوها كيفَ التَّودُّدُ للزَّوْ
جِ، وكيْفَ التَّقديرُ والإعْظامُ
كيف تنجو من الشرورِ نساءٌ
لا يُواري وجوهَهُنَّ لِثَــامُ
صارَ خُلْقَ العَفافِ أنْدَرَ خُلْقٍ
وتغَشَّى الفسوقُ والإجْـرامُ
عصْمَةُ المرأةِ احتجابٌ وصَوْنٌ
وإبَـاءٌ وعِفَّــةٌ واحتِشَـامُ
إن هذا الكتاب يكشف عن شاعر إسلامي كبير من شعراء الأمة، التي
مازالت ـ جيلاً وراء جيل ـ تنبت الشعراء الذين يُعبرون عن هويتنا
وانتمائنا.
*يعبر عن احساسه ازاء مأساة ثامن ماي1945 الدامية:
فظائع ماي كذّبت كل مزّعم
لهم ورمت ماروّجوه بافلاس
ديار من السكان تخلى نكاية
وعسفاواحياء تساق لأرماس
وشيب وشبّان يسامون ذلة
بأنواع مكرلا تحدّ بمقياس
وغيد من البيض الحسان أوانس
تهان على أيدي أراذل أنكاس
ويسلبن من حلي لهنّ مرصع
بكل كريم من جمان وألماس
ويُنكبن في عرض لهنّ مطهر
مصون الحواشي طيّب العرف كالآس
**********
ضحت الجزائر في سبيل حريتها تضحية يعتز بها التاريخ .وكانت جبال الاوراس
من المراكز الاساسية التي انطلقت منها الثورة وقدمت عشرات الآلاف من
أبنائها الابطال ضحايا في سبيل تحرير الجزائر واستقلالها فوقف الشاعر على قبورهم في عيد الاضحى1965 وجاشت عواطفه بالقصيدة التالية:
رحم الله معشر الشهداء
و جزاهم عنّا كريم الجزاء
وسقى بالنعيم منهم ترابا
مستطابامعطر الارجاء
هذه في الثرى قبور حوَتْهم
أم قصور تسمو على الجوزاء
أيها الزائرون ساحة الطهر
قدسي وعزة القعساء
إنّهم عند ربّهم حول رزق
منه في نعمة و في سرّّاء
هكذا أخبر الإله فصدَّق
نبأ الله أصدق الأنبـــــــــــاء
شهداء التمدين في كل عصر
سرج الأرض بل نجوم السماء
لم أجد في الرجال أعلى وساماً
من شهيد مخضّب بالدّماء
إنَّ ذكرى الشهيد أرفع من أن
ترفعوها بالصّخرة الصمّاء
فأقيموا لهم تماثيل عزّ
في قلوب ثورية الأهواء
واقتدوا وائتسوا بهم في المزايا
انهم أهل قدوة وائتساء
واخلفوهم بالصدق في خدمة الشعب و في أهلهم وفي الأبناء
إنهم قادة الفيالق في الزحــف لخوض المعارك الحمراء
انهم رادة البطولة في النصر وعزّالحمى ورفع اللواء
إنهم أوفوا العهود فهل أنـتم لميثاقهم من الأوفياء
إنهم تربة الجزائر مهد
عبقري لثورة العظماء
وهي أرض الإسلام ذي المبدأ السمـح وأرض العروبة العرباء .
هكذا كانت الجزائرميعا
دا كريما لأقدس الايحاء
تتعالى منائر الحق فيها
من بعيد لخائضي الظلماء
ثورة الشِّعر أنتجت ثورة الشعب وعادت عليه بالآلاء
كل من لم يثر على الهون والذلة داسته أرجل الأقوياء
أيها الشعب أنت ملهم شعري
في كفاحي وملهب الاحشاء
أين منا ما سامنا من عذاب
أين منّا ما ساءنا من شقاء
جلّ من أخضع الطّغاة فذلوا
وعليهم قضى بحكم الجلاء
أصبحت أرضنا مثالا من الفر
دوس في أمن شعبها والهناء
****************
-عز الاوطان-
اذا مارُمت للاوطان عزا
فجُد بالنفس واستبق الفداء
وان حمل الخصوم عليك يوما
فقم لنضالهم وخض الدماء
ألم تر جعفرا قُطعت يداه
بحرب الروم فاحتضن اللواء
وقدّم نفسه للموت سمحا
فنال بها الشهادة والثناء
***************
-مع الشعب-
قف حيث شعبك مهما كان موقفه
أَوْلاَ فانك عضو منه منحسمُ
تقول أضحى شتيت الرّأي منقسما
وأنت عنه شتيت الرأي منقسم
فكن مع الشعب في قول وعمل
ان كنت بالرّجل الشّعبي تتّسم
ولا يَرُقك شفيف الذات مائعها
كالماء في وجوه الناس ترتسم
أعدى عدى القوم من يُعزى لهم نسبا
ويسمع القدح فيهم وهو يبتسم
******
-الحق-
ما أجدر الحقّ ّأن تُحنى الرؤوس له
وأن يُشال على الاعناق كالعلم
الحق ثوب تعالى الله ناسجه
تبّت يدا كل عاث فيه بالجلم
فمل الى الحق في الدنيا تُصب أملا
يُنسيك ما قد يشوب الحقّ من ألم
وكن على البغي حربا لا تكن سلما
فالنّصر للحرب ليس النصر للسّلم
لا تخش سيفا من الباغي ولا قلما
فغارة الله فوق السيف والقلم
الظّلم في الارض سار كالظّلام بها
وكاشف الظُّلْم فيها كاشف الظُّلَم
*******
-في الرثاء-
في الذكرى الأولى لوفاة فقيد العلم والعلماء الشيخ محمد البشير الابراهيمي
ذكرى وفاتك احياءلأعمال
من صنع عزمك أم بعث لأجيال
أم نشر صحف الجهاد ذدت عن قيم
عُليا به ونضال منك ذي بال
أم عرض ثورة شعب كنت قائدها
بالرأي من قبل أن يصلى بها صالي
يارائد الشعب للأهداف سرت به
دينا ودنيا بفكر منك جوّال
اني دُعيت الى الذكرى لأشهدها
وانما تُعرض الذكرى على السّالي
تالله ما خطرت سلواك في خلدي
يوما ولاعبرت ذكراك من بالي
كأن موتك ما مرّت فجيعته
ولا خلت لحظة من عامه الخالي
هنا بنوك الذين استمسكوا أبدا
من رمزك الخالد السّامي بأذيال
لقد تساقوا شراب العهد بينهم
على اسم ذكراك سلسلا بسلسال
وقدّموا لك أعلاقا منسّقة
على موائد تكريم واجمال
فأتحفوك عيونا من قصائدهم
أقرّ سامعها بالسِّحر للتالي
أنت الغنيّ بما خلّدت من مُثل
عن مدح قافية أو رفع تمثال
فتح جديد:
نحن الجبال بنو الجبا
ل صدى الجبال بنا حدا
ركب الى العرفان أنهم في سراه وأنجدا
من سامنا باذاية
فعلى الجبال قد اعتدى
ومن استهان بنا استها
ن بها فحلَّ به الردّى
لا خوف من ظُلم الطّر
يق فقد جلونا المقصدا
جاء-البشير- فبشّر الاعمى فأبصر واهتدى
شعب الجزائر بالقلو
ب الى -البشير- تودّدا
من كان للوطن العزيز فدى فنحن له الفدى
يا أيها الشعب استبق
للصالحات وطل يدا
اني أراك منكرا
بين الشعوب منكدا
أحثث خطاك فمن يعش
وَكِلا يعش مستعبدا
ودع الفراق فانه
أقصى الرفاق وبدّدا
ودع الهوى انّ الهوى
لك في العِداشرّ العِدا
حكم هدى الاسلام تُر
ض الله ترض محمدا
وآقفُ الهداة الراشديين الراكعين السجدا
صوت السماوات العلى
صوت الهداة له صدى
فمن استجاب لصوتهم
نال النعيم السرمدا
هذه الابيات جزء من قصيدة أنشدت بمناسبة افتتاح مدرسة الهدى بمدينة
القنطرة قرب بسكرة يوم الخميس 16 صفر عام1366هـ.والبشير في القصيدة هو
الشيخ البشير الابراهيمي رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي أشرف على حفل افتتاح المدرسة.ومطلع القصيدة:
فتح جديد قد بدا
في فتح مدرسة الهدى
*****
يابحر:
يابحر أفديك بحرا
ملكت قلبي سحرا
أرى عليك مئات
من المناظر تتري
تبدو مياهك زرقا
للنّاظرين وخضرا
يا بحر أنت أنيسي
ان ضِقتُ بالهمّ صدرا
أطريتُ حسنك مدحا
يا بحر والحُسن يُطرى
يا أبيض العرض جَرّت
لك الشواطئ وزرا
أخشى غدا فيك تغدو
ازبادك البيض حمرا
أخشى وغًى فيك تَحمى
فتقلِب الماء جمرا
أمست مراسيك ترعى
مراصد الشّهب سهرى
فيك دوارع غُبر
تحوي دوارع غبرا
ويل لمن جاز حدا
أو من تقدّم شبرا
وكل من رام حربا
فانما رام خسرا
يا أبيض الوجه نالت
افريقيا بك فخرا
نالت بفضلك خيرا
من الجزيرة وَفرا
فكم من العُرب غازِ
لها تخطّاك جسرا
فقام بالدين فيها
وبالفضيلة نشرا
وقائد فيك حرِّ
ساق الاعاجم أسرى
والحُرُّ ان ثار يطغى
كاللّيث ان جاع يضرى
أحبّ فيك ثباتا
على الخطوب وصبرا
أحبّ فيك هزوءا
بالاقوياء وسخرا.