أ- وقت الساعة:
إن وقت الساعة أي يوم القيامة من الأمور الغيبية وقد أخفاها الله عن عباده لحكمة يعلمها فلا سبيل إلى معرفة وقتها فلا يعلمها إلا الله تعالى.
قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا(4) قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا(5) لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً} [الأعراف: 187]
(4) متى إثباتها ووقوعها؟
(5) لا يُظهرها ولا يكشف عنها.
ب- قرب الساعة:
وقد أخبر الله عن قرب الساعة قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1-2].
وانشقاق القمر هو معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إن أهل مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين.
وقال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" مشيراً بإصبعيه: السبابة والوسطى. رواه البخاري ومسلم
ج- وللساعة أشراط وعلامات، قال الله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا(1) فَأَنَّى لَهُمْ(2) إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(3)} [محمد: 18].
وقد وردت الأشراط والعلامات في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما قد ظهر ورأيناه ومنها لم يَحصل بعد وستظهر لا محالة في ذلك.
فمن العلامات التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:
1- كثرة الزنا وكثرة شرب الخمر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم(4) ويكثر الجهل(5)، ويكثر الزنا ويكثر الخمر" رواه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن ناساً من أمتي يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها" رواه الحاكم في مستدركه.
وقد رأينا من يشرب الخمر ويقول هذه بيرة ليست خمراً أو أسماء أخرى كالويسكي والشمبانيا وغيرها كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلاً" رواه الحاكم.
وهذا الأمر مشاهد في أمريكا وأوروبا أعاذنا الله من ذلك.
2- تبرج النساء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة(1) البخت(2) المائلة، لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها وإن ريحا لتوجد من مسيرة كذا وكذا". رواه مسلم
وقد وجد هذا في كثير من البلاد حيث إن النساء يلبسن الثياب الضيقة التي تجعل تفاصيل جسم المرأة ظاهرة، وكأنها عارية، والثياب الشفافة التي يظهر ما تحتها وكأنهن لم يلبسن شيئاً، ووجدنا النساء يلبسن الثياب في المنازل ويتحللن منها في شواطئ البحر إلا من قطع صغيرة على الفرج والثديين، أو على الفرج وحده، وحيث يصففن شعورهن ويجملنها ويضعن المثبت فترى شعورهن كأسنمة الجمال تميل يمنة ويسرة، وقد وضعوا لهن في أحذيتهن كعوباً عالية لاستكمال الميل في الأجسام، وهن بهذا الميل مميلات لكثير من الشباب مضلات لهم بفتنتهن المعروضة.
فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كاسيات عاريات" لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- تشبه النساء بالرجال وتشبه الرجال بالنساء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتراب الساعة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال". رواه أبو نعيم في الحلية
ولقد فاجأنا الزمان بهذه المصيبة حيث إن الرجل يتشبه بالمرأة فيضع الحلي والقراريط كما تضع ذلك المرأة، وتتشبه المرأة بالرجل من حيث اللباس وقصات الشعر، وغير ذلك كما هو مشاهد في عصرنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
4- التعامل بالربا وانتشاره:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره". رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم.
واليوم في زماننا نشاهد أكبر عملية انتشار للربا بواسطة البنوك الربوية التي تعتبر مؤسسات عالمية ضخمة تعمل على نشر المشروع الربوي في كل العالم، ومهما احترز المؤمن عن التعامل بالربا اليوم فإنه سيناله نصيب منه ولو قليلاً.
5- قبض العلم، وكثرة الزلازل، وتقارب الزمان، وظهور الفتن وإطالة البناء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان وتظهر الفتن، وحتى يتطاول الناس في البنيان". رواه البخاري.
فإن قبض العلم يكون بقبض العلماء وعدم وجود من يخلف العلماء الربانيين الذين هم علماء الأمة الإسلامية، وهذا واضح وجلي في زماننا.
ومما نشعر به ونسمع عنه اليوم كثرة الزلازل في شتى المناطق العالمية في أمريكا، في أوروبا، في البلاد العربية وغيرها، وهذا من علامات قرب الساعة، أعاذنا الله من ذلك.
وتقارب الزمن، وهو أن الأيام تمر بسرعة، وكأنها ساعات قليلة وهذا ما يلاحظه كل شخص يعيش في عصر التطور والتكنولوجيا، وهذا يعود إلى كثرة آلات اللهو المتنوعة والتفنن في اختراع أجهزة مسلية وابتكار أساليب للترفيه.
وعوامل الضغط الاقتصادي التي تجعل الإنسان حركة آلية يعمل وقتاً طويلاً لاكتساب لقمة عيشه فلا يشعر بالوقت إلا وهو ذاهب.
وظهور الفتن والمعنى أن الفتن تكثر، في محيطنا اليوم نشاهد كثرة الفتن التي تفتِن الإنسان عن دينه، فيصبح المرء مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، فالإنسان يتعرض لإغراءات كثيرة منها إغراءات فكرية فاسدة فينزلق في المتاهات الفكرية فيبتعد عن دينه فيفتن، وهذا ما نلحظه في العصر الحديث من وجود أفكار ونظريات كثيرة الشيوعية وداروينية وغير ذلك، وفتن بها الكثير من الناس، وراح ضحية هذه الأفكار والنظريات أجيال من الشباب وما ثبت بوجه ذلك إلا من تسلح بالإيمان والعلم.
وإطالة البناء: وهو علامة عن قرب الساعة فنجد أبنية شاهقة تتألف من طبقات وتسمى ناطحات السحاب وورد أيضاً: "لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشونها وشيء المراجيل(1)" رواه البخاري في الأدب المفرد. أي يزينون بيوتهم تزييناً كما تزين الثياب المخططة.
6- تسليم الخاصة وفشو(2) التجارة وقطع الأرحام وانتشار الكتابة والطباعة وشهادة الزور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام. وفشو القلم، وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق". رواه البخاري
فاليوم يخص الإنسان بالسلام من يريد وهذا دليل على مجتمع يغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.
والمسلَّم ينبغي أن يسلم على من عرف ومن لم يعرف كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري: "أقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف".
ونرى في عصرنا انتشار أشكال التجارة بشكل مذهل وعجيب، وإعانة المرأة لزوجها في ذلك بسبب الضائقة الاقتصادية.
ونشاهد في زماننا قطيعة الأرحام منتشرة في العائلة الواحدة لسبب التخاصم والتشاحن. وكذلك انتشار الطباعة، والكتابة بطريقة متطورة فآلاف الكتب تطبع بوقت يسير، وهذا معنى فشو القلم.
والمشاهد اليوم ظهور شهادة الزور وكتمان شهادة الحق في المحاكم القضائية بسبب عدم الالتزام بدين الله تعالى وعدم المخافة منه عزَّ وجلَّ.
7- كثرة ولد الزنا والتحية بالتلاعن:
قال رسول الله عليه وسلم: "لا تزال الأمة على شريعة حسنة ما لم تظهر فيهم ثلاث ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخُبْث(1)، ويظهر فيهم السَّقَّارون" قالوا: وما السقَّارون؟ قال: "نشأ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعن". رواه أحمد والحاكم والطبراني.
فكثرة ولد الزنا لأن الزنا قد كثر في هذا الزمان الذي تحَّدث عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وتتفاقم نسبة ولد الزنا في الدول الأوروبية والأميركية، وهي أنقص في البلاد الإسلامية.
وظهر في زماننا من يحيي غيره باللعن والشتم بدل أن يحييه بتحية الإسلام الذي يأمر بالتحية الحسنة والردِّ الأحسن. قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86].
8- حديث السباع ونطق الجماد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تُكلم السباعُ الإنسانَ، وحتى تكلم الرجلَ عذبةُ سوطه، وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده". رواه الترمذي وقال: حسن غريب والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ورواه أحمد في مسنده.
وقال عليه الصلاة والسلام: "إنها أمارات من أمارات بين يدي الساعة أو شك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله من بعده". رواه أحمد
ما كان أحدٌ يتصور أن الجماد ينطق، فقد اخترعت اليوم أجهزة يحملها الإنسان في يده فتنقل له الأصوات والكلام من بيته أو بيت غيره، وتتشكل هذه الأجهزة بأشكال مختلفة وخاصة الأجهزة الدقيقة المعدّة للتنصت، فيمكن تركيبها في طرف عصا أو في مكان ما كالحذاء بحيث لا تُرى.
وأما حديث السباع، ففي زماننا نرى حيوانات السيرك تأتي بالغرائب وكأنها تتكلم مع الإنسان فتفهم عليه، وكذلك الكلاب البوليسية التي تكشف مخابئ المخدرات، فتظهر براعتها يعجز عنها الإنسان، وتساعد الشرطة على اكتشاف الجرائم، وكل ذلك من طريق تعليمها والتكلم معها. فلعل هذا المعنى مقصود في الحديث، والمستقبل متسع لما هو أكبر ليظهر مصداقية الحديث أكثر فأكثر.
9- الموت بالسكتة القلبية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتراب الساعة موت الفجاءة" رواه ابن أبي شيبة.
وفي عصرنا يكثر الموت الفجائي، وهو السكته القلبية، وهو مرض من أمراض المدنية الحديثة لم يكن شائعاً في المجتمعات السابقة.
10- تربية الكلاب وكراهة الأولاد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اقترب الزمان يربي الرجل جرواً خير له من أن يربي ولداً له". رواه الطبراني والحاكم.
وهذا نراه في أمريكا والدول الأوروبية، فبعض الناس هناك يفضلون تربية الحيوانات وخاصة الكلاب لوفائها على أن يربوا ولداً لهم من صلبهم.
11- المواصلات الحديثة:
1ً- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون أبواب المساجد". رواه أحمد والحاكم.
2ً- وقال عليه الصلاة والسلام: "ولتتركن القلاص(1) فلا يسعى عليها". رواه مسلم.
فقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ترك استخدام الجمال للتنقل وحمل الأمتعة فقوله: "ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها".
ومعلوم أن عدم استخدام الجمال مع وجودها إنما يكون لسبب وجود وسيلة أحسن وليس هناك من الحيوانات ما هو أقدر من الجمال على السفر في الصحراء لأن الجمل كما يقال سفينة الصحراء.
والحديث الأول يصف أن الركوب على السروج لا على الجمال أو الخيول أو غيرها من الحيوانات، إنا نجد الوصف ينطبق اليوم على السيارات ذات المقاعد التي تشبه السروج العظيمة والتي يركب الناس عليها إلى أبواب المساجد.
ومما يدلُّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلَّم: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتزوى الأرض زياً" رواه الطبراني أي تطوى ويضم بعضها إلى بعض.
12- كثرة القتل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قيل: وما الهرج؟ قال: القتل". رواه أحمد.
13- اختلاف الأخوة في الدين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تتباكى القلوب، وتختلف الأقاويل، ويختلف الأخوان من الأب والأم في الدين". رواه الدَّيلمي.
14- حسن القول وسوء العمل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه يكون في أمتي اختلاف وفُرقة، وقوم يحسنون القول ويسيئون العمل". رواه أبو داود والحاكم في مستدركه.
15- كثرة النساء وقلة الرجال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل ويكثر الزنى، ويكثر شرب الخمر، ويقلَّ الرجل وتكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيِّمُ الواحد". رواه البخاري ومسلم.
16- تضييع الأمانة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحدث إذ جاء أعرابي، فقال: متى الساعة؟ قال: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". رواه البخاري
17- مقاتلة المسلمين اليهود:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر أو الشجر، فيقول: الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد(1) فإنه من شجر اليهود". رواه البخاري ومسلم.
18- استخراج الكفار للمعادن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون معادن يحضرها شرار الناس". رواه أحمد.
19- كثرة المال وفيضه وعودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يُخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً". رواه مسلم
- وقد ثبتت الإمارات الكبرى في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذكرون؟" قالوا: نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: فذكر الدخان، والدَّجَّال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم". رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
ومن العلامات الكبرى اليقينية:
1- الدجَّال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الدجَّال فقال: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.
إنه شاب قطط(2)، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزَّى بن قَطَن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه بفواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته، إنه خارج خَلَّة(3) بين الشام والعراق، فعاث يميناً، وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا فقلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرت الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء
فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذُرَى(1) وأسبغه(2) ضروعاً، وأمدّه خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين(3) ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمرّ بالخَرِبَةِ، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جِزْلتين(4) ثم رمية الغرض(5)، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مُهرودتين(6) واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جُمان كاللؤلؤ(7) فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مات. ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرْفُه، فيطلبه حى يدركه بباب لُدِّ(
، فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ يقاتلهم، فأحرِّزْ عبادي إلى الطور(9).
ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمرُّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماءً!! ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر(10)، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلمَّ فلنقتلْ من في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً!! ويُحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى، وأصحابه نقص أنوف الإبل والغنم في رقابهم فيصبحون فرسى(11) كموت نفس واحدة.
ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه رهمُهم(12) ونَتْنهم.
فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسلُ الله طيراً كأعناق البخت(13) فتحملهم،فتطرحهم حيث شاء الله.
________________
ثم يرسل الله مطراً لا يكُنُّ منه بيت مدّر ولا وَبَر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلفة(1).
ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصَابة(2) من الرُّمانة، ويستظلون بقحِفِها، ويبارك في الرَّسل(3) حتى إن اللَقَحة من الإبل(4) لتكفي الفئام(5) من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس.
فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر(6) فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم
والدجَّال لقب لهذا الرجل، لُقِب به لشدة كذبه وتدجيله، ولقدرته العجيبة الخارقة على تغطية الحق بالباطل، وهو رجلٌ يهودي، ولا يولد له ولد وإن الله حرم عليه دخول مكة.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي ابن صائد - واسمه صاف، يهودي الأصل يمارس الكهانة، كان يشاع في المدينة أنه ربما كان هو الدجال -: ما لي وما لكم يا أصحاب محمد، ألم يقل نبي الله صلى الله عليه وسلم إنه يهودي وقد أسلمت، وقال لا يولد له وقد ولد لي، وقال إن الله حرم عليه مكة وقد حججتُ، قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله. رواه مسلم
والدجال يدعي الألوهية ومعه خوارق، وقد حذَّر الرسول الله صلى الله عليه وسلم منه ومن فتنته العظيمة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: "لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور". رواه البخاري ومسلم
عن حذيفة أن عقبة قال له: حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال، فقال: إن الدجال يخرج وإن معه ماءً وناراً، فأمَّا الذي يراه الناس ماءً فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه ناراً، فإنه عذب طيب.
فقال عقبة: وأنا قد سمعته، تصديقاً لحذيفة.
ويكون هلاك الدجال على يد المسيح عيسى ابن مريم بعد نزوله من السماء انظر الحديث الأول في الدجَّال عن النواس بن سمعان.
2- نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء:
ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء إلى الأرض فيمكث في الأرض مدة من الزمن فيقتل الدجَّال، ويقيم على الأرض دعائم العقيدة الإسلامية التي بعث الأنبياء كلهم لإقامتها، وينفذ الشريعة الإسلامية التي جاء بها محمد رسول الله خاتم النبيين والمرسلين ولا يوحى إليه بشرع جديد.
قال الله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 - 158].
فالآيات تقرر بطلان دعوى اليهود من قتل عيسى ابن مريم وصلبه بل الأمر بخلاف ما ادعوه. فإنما شبه لهم فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إن الله تعالى رفعه إلى السماء وإنه باقٍ حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحدٍ من أهل الأديان بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف أي القتال، فتخبر الآية {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] أنه لا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب بعد نزول عيسى ابن مريم عليه السلام إلا آمن به قبل موته عليه السلام، فلا يتخلف عن التصديق به واحد منهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشِكنَّ(1) أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة خيراً من الدنيا وما فيها" ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "اقرؤوا إن شئتم": {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159] رواه البخاري في صحيحه.
وقال تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(2) * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ(3) (58)إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ(4) لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [الزخرف: 57 -61].
ففي الآية الأخيرة {وإنه لعلم للساعة} إشارة إلى نزوله عليه السلام من السماء في آخر الزمان أنه من أمارات الساعة وعلامات قرب وقوعها، ولا يكون ذلك إلا بنزوله عليه السلام كما بينته الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3- ظهور يأجوج ومأجوج:
قال الله تعالى في شأن يأجوج ومأجوج: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا(1) عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(2) * قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(3) * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ(4) حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ(5) قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(6) * فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ(7) وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(
* قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ(9) وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ(10) فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ(11) فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف:94-99].
وقال الله تعالى في شأنهم أيضاً:{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ(12) يَنسِلُونَ(13) * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ(14) فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ(15) الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 96- 97].
إن يأجوج ومأجوج كلمتان عبَّر القرآن بهما عن أمة كبيرة من الناس تخرج من مكان ما من الأرض تنشر الفساد والدمار والخراب فيها على طريقة مذهلة مرعبة.
وخروج يأجوج ومأجوج من العلامات الكبرى لاقتراب الساعة، لا يعلم هذا الخروج إلا الله عزَّ وجلَّ.
تنبيه: فليكن المرء على حذر من الأحاديث الواهية أو المنكرة أو الموضوعة التي تذكر تفاصيل أخبار يأجوج ومأجوج وصفاتهم وأشكال جسومهم.
وحسبنا أن نؤمن بأن هذه الأمة الكبيرة إذا خرجت فإن خروجها سيتكفل بالتعريف بها للناس كلهم تعريفاً لا يشوبه شك ولا احتمال ولا ظن ولا يحوج إلى استنتاج أو اجتهاد أو ضرب في الغيب.
4- خروج الدابة:
قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ(1) عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل: 82].
فهذه الدابة نَكِلُ علم نوعها وشكلها إلى الله عزَّ وجلَّ تخرج للناس قبيل الساعة تكلمهم وتصف كلاً منهم بصفته من الإيمان أو الكفر، فتسم الكافر بوسم الكفر، وتسم المؤمن بوسم الإيمان، وهذا كله خارج عن المعتاد والمألوف.
وعن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيتها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها". رواه مسلم.
5- طلوع الشمس من مغربها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]. رواه البخاري.
وطلوع الشمس من مغربها أي أن الشمس تطلع من جهة المغرب بدل أن تطلع من جهة المشرق.
أخي القارئ ما تحقق ووقع من علامات الساعة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة عام يشهد بصدق نبوته وبأنه نذير لنا بين يدي عذاب شديد فكما رأينا اليوم علامات الساعة الصغرى، تحققت أمام أعيننا، فسنرى العلامات الكبرى وستقع الساعة دون ريب ولا شك، لأن المخبر بها واحدٌ وهو الصادق المصدوق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.